منهما دون شروطه ، فالعلم الأول غير مفروض علينا ولا ميسور ، والثالث مرفوض محظور ، والثاني محبور ، فإذا صادف الواقع ـ وقليلا ما يخطأ لمكان عدم العصمة ـ ففيه أجران ، وإذا لم يصادف الواقع ففيه أجر واحد لمكان القصور الذاتي لغير المعصومين (عليهم السّلام) ، ولا حجة في العلم الحاصل بالأحكام الشرعية من غير الطرق المقررة الشرعية ، لقصور سائر الطرق ذاتيا إضافة إلى قصورين يعلم بها ، وأما الحاصل من الطرق المقررة الشرعية فهو حجة شرعية لمكان عدم التقصير في الحصول عليه وانه لا تكلف نفس إلا وسعها.
وما دغدغة ذاتية الحجية للقطع إلا خرافة ، فإن كان القصد حجيته العقلية بمعنى الانطباق على الواقع مائة بالمائة فهذا زلل من القول وزور ، وإن كان بمعنى الانطباق الأحياني الذي جعل الشارع حجة فكذلك الأمر ، حيث الحجة المنحصرة في الكتاب والسنة بدليل الكتاب والسنة تسلب أية حجية لأي دليل أو علم!.
وفيما يلي ـ على ضوء الآيات البينات التي تحصر الإتباع بالعلم في الكتاب والسنة ـ روايات نموذجية عن الرسول والأئمة من عترته (عليهم السّلام) :
١ : في حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). حين أتاه عمر فقال : «إنا نسمع أحاديث من اليهود تعجبنا ، فترى أن نكتب بعضها؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها نقية ، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي»! (١)
٢ : في حديث علي (عليه السّلام): «.. أيها الناس عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته ، فإن العلم الذي هبط به آدم (عليه السلام) وجميع ما فضلت به النبيون إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين ، في عترة نبيكم محمد (صلى الله عليه وآله
__________________
(١) عوالم العلوم (٢ ـ ٣) : ٣٨٦.