نجهلها ، فإنما لنا وعلينا التحرز عن أسباب الموت ـ غير المحبورة ـ حيث الأجل المحتوم مجهول بين الآجال المعلقة.
ففي مسارح القتال المفروضة علينا أو الراجحة لنا ليس التعرض للموت محظورا ، بل هو محبور قضية الأمر ، وفي سائر المسارح هو محظور حيث نجهل محتوم الأجل عن معلّقة(١).
فالمفروض علينا الفرار من الموت ، فرارا «من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل» (٢) ، فإنه قاض بالموت إذا تعرضنا لأسبابه المحتومة ، ولكنه مقدر للموت المحتوم أضيق من قضاءه فنستسلم لقدره كما أمر ، ونفرّ من قضاءه كما أمر ، اللهم إلّا في معترضات الموت المأمور بها كجبهات الحرب ، بل وفيها أيضا ليس لنا الإقدام على الموت ، بل
__________________
(١). راجع إلى حاشية (١) ص ١١٢
(٢) المصدر عن التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال : ان أمير المؤمنين (عليه السّلام) عدل من عند حائط مايل إلى حائط آخر فقيل يا أمير المؤمنين تفر من قضاء الله؟ قال : أفر من قضاء الله إلى قدر الله عزّ وجلّ ، وفيه باسناده إلى عمرو بن جميع عن جعفر بن محمد قال حدثني أبي عن أبيه عن جده (عليهم السّلام) قال : دخل الحسين بن علي (عليه السّلام) على معاوية فقال له : ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثم دار عشيا في طرفهم في ثوبين؟ فقال (عليه السّلام) : حمله على ذلك علمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال : صدقت.
وفيه وقيل لأمير المؤمنين (عليه السّلام) لما أراد قتال الخوارج : لو احترزت يا أمير المؤمنين فقال:
أي يومين من الموت أخر |
|
وم ما قدر أو يوم قدر |
ييوم لم يقدر لا أخشى الردى |
|
وإذا قدر لم يغن الحذر |
وفي كتاب المناقب لابن شهر آشوب : وكان مكتوبا على درع علي (عليه السّلام):
وكان مكتوبا على علم أمير المؤمنين (عليه السّلام) :
الحرب إن باشرتها |
|
فلا يكن منك الفشل |
واصبر على أهوالها |
|
لا موت إلا بالأجل |
وفيه عن الحسن بن علي (عليه السّلام) كلام طويل وفيه : إن عليا (عليه السّلام) في المحيى والممات والمبعث عاش بقدر ومات بأجل.