(خُذُوا حِذْرَكُمْ) ثم إذا حضر الموت على حذركم فلكم الحسنى إذ كان بأمر الله.
ذلك ، فإذ توافق القضاء والقدر للموت فلا فرار كما قدر للإمام علي (عليه السّلام) قبله حيث قدم إلى مضجعه إلى المحراب ، وقدر للإمام الحسن المجتبي وللإمام الرضا وغيرهما من أئمة الدين قدر الموت بقضاء السم.
فإنما جهلنا بتوافق القضاء والقدر أو علمنا باختلافهما يفرض علينا الفرار من القضاء إلى القدر ، فأما إذا علمنا التوافق بينهما ، أم أمرنا بالتعرض لقضائه كمسرح القتال وما أشبه فلا.
فقد «قدر لكم أعمارا سترها عنكم» (١) «فما ينجو من الموت من خافه ، ولا يعطى البقاء من أحبه» (٣٨) حيث «خلق الآجال فأطالها وقصرها ، وقدمها وأخرها» (٨٩) «وإن الفار لغير مزيد في عمره ، ولا محجوز بينه وبين يومه» (١٢٢).
ف «إنما أنتم في هذه الدنيا غرض تنتصل فيه المنايا ، مع كل جريمة شرق ، وفي كل أكلة غصص ، لا تنالون منها نعمة إلا بفراق أخرى ، ولا يعمر معمر منكم يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله ، ولا تجدد له زيادة في أكله إلا بنفاد ما قبلها من رزقه» (١٤٣) و «إن مع كل إنسان ملكين يحفظانه ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، وإن الأجل جنة حصينة» (٢٠١ ح).
وحصيلة البحث عن آية الأجل ، أن الأجل هنا بين محتوم ومعلق ، وهما بين أجل الموت عن أصل الحياة ، أو انتقال إلى شرعة أخرى ، أم انتقال كيان حيوي آخر روحيا أم ماديا من أمة إلى آخرين.
ثم «لا يستأخرون ولا يستقدمون» هما بين مجيء وقت الأجل إعلاما ، أم واقعا في وقته ، أم على أشرافه.
__________________
(١). نهج البلاغة الخطبة ٨٢ / ٢ / ١٤١.