السفلى وتضعه الطبقات العليا ويضيّق فيما بينهما حتى يكون بمنزلة الزج في القدح» فقد جعل لهم من النار أمهدة مفترشة تحتهم وأغشية مشتملة عليهم ، فيكون استظلالهم بحرها كاستقرارهم عل جمرها أعاذنا الله منها ، فتلك هي ضفّة التكذيب والاستكبار ، ثم إلى ضفّة التصديق والإقرار :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣).
هنا (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) تحدد واجب الإيمان وعمل الصالحات دون إحراج ولا إعسار فيها ، ف «أولئك» على درجاتهم بمساعيهم (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) عطاء غير مجذوذ ، دون واجب الاستغراق الظاهر من (عَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إزالة لليأس عن هؤلاء الذين لم يطبقوا كل الصالحات ، فما لم يكن في الوسع من فعل المفروض أو ترك المرفوض فلا يطالب به المكلف ، ثم وما قصر فيه وهو يسعه أن يطبقه فبوسعه أن يجبره فهو مطالب بجبره ، اللهم إلّا السيئات المكفرة بترك الكبائر ، ف (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) تبشير بواسع رحمة الله كضابطة ثم هناك مزيد فيما قصر من تكفير وتوبة وشفاعة أماهيه.
ذلك ، ومتصوّرات التكليف المستحيل والممكن والواجب كالتالية :
١ التكليف بالمستحيل ذاتيا ٢ أو حاليا ، ٣ والتكليف المحرج نوعيا أم ٤ شخصيا ٥ والتكليف الشاق المعسر نوعيا أو ٦ شخصيا ، ٧ والتكليف الموسع شخصيا ٨ أو نوعيا.
فالأولان مستحيلان في محكمة العقل والعدل فضلا عن التكليف الفضل ، ثم المحرج بشقيه غير وارد في الشرع لمكان نفي الحرج بآياته ك (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وكذلك الشاق الذي يكلف كافة قوات المكلف بنوعيه ، إلا قليلا لمكان نفي العسر بآياته ك (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ