بحق لا يزداده غلا بعد غله.
وقد تعني «نزعنا» إلى نزع في الأخرى نزعا في الأولى كما في بعض الصالحين ، وإذا لم ينزعه هنا فقد ينزعه هناك رحمة من الرحيم الرحمان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وفالغل هو العداء والضغن ، لا يخلو عن لمم منه إلا المخلصون ، ونزع الغل هو بطبيعة الحال قبل دخولهم الجنة وكما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا ويدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غلّ» (١).
ترى وإذا كان غل بحق فكيف يكون نزعه أيضا حقا وهو ضغط على صاحب الحق؟.
ذلك ، لأن الله لا ينزع الغل المستحق إلا بجزاء وفاق على المستحق عليه قبل الجنة أم بمعاملة تهاترية بين الأخوة المتغلغل بينهم الغل ، ثم ينزع ذلك الغل نزعا بعدل ورحمة ، فحين يجازى المستحق عليه في غلّ أم تجبر مادة الغل بسبب آخر فبقاءه ـ إذا ـ غل آخر دون مبرر ، فنزعه ـ إذا ـ رحمة بعد زحمة ، ثم الغل الخاطئ الذي لم يكن له أصل ، إنه ينزع هناك رحمة للجانبين ، إكراما لهما قضية إيمانهما ، ف (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٤٣ : ٦٧).
فقد نزع الله ما في صدورهم من الغل ـ أيا كان من حق أو باطل ـ
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٠١ ـ أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ...
وأخرجه مثله ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن قتادة قال حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة فو الذي نفسي بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة من منزله كان في الدنيا.