الدنيا والآخرة فكما أنه المؤذن يوم الدنيا أذانا رساليا بعد الأذان الرسولي ، كذلك هو المؤذن في الأخرى بإذن منه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولو كان المؤذن هناك هو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه لجيء باسمه المبارك ، دون مجرد الوصف «مؤذن» غير المعلوم صاحبه إلّا بسناد لمحات من القرآن كآيات الولاية ولا سيما آية شاهد منه : «أفمن كان علي بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى اماما ورحمة ..» (٤٦ : ١٢) فانها شاهدة لكون الإمام (عليه السّلام) هو الشخصية الثانية بعد الأولى الرسولية ، فليكن مؤذنا هناك كما هو المؤذن عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) هنا.
و (الَّذِينَ يَصُدُّونَ) استمرارية في ذلك الصد طول حياتهم الجهنمية بما يملكون أو يملّكون من قدرات وإمكانيات ، (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) بغيا عليها ، ابتغاء أنها عوج فلا تسلك ، وابتغاء أنفسهم إياها مسلكا عوجا ، فسبيل الله هو شرعته ونهجه وهم يبتغون عنها المتحاول ويطلبون منها الفسح والمخارج ويوهمون بالشبهات أنها معوجة غير قويمة ، ومضطربة غير مستقيمة!.
ولأن القرآن هو أفضل سبل الله فبغيه عوجا هو أعضل صد عن سبيل الله ، فكما أن من بغيه عوجا الخوض في آياته لنفضها ، كذلك القول : إنه لا يفهم وليس بمتناول الأفهام ، فانه عوج في كتاب الدعوة أن يكون قاصرة الدلالة على مرادات الله تعالى.
كما منه تفسيره بالآراء أن تحمل عليه الآراء السادرة عن الصادرة عن مصادر الوحي والتنزيل.
فكل مواجهة للقرآن خلاف ما يرام منه في حقل الدعوة المستقيمة الخالدة هو بغيه عوجا.
وهنا «الظالمين» في حقل تلك اللعنة التي يدخلون بها النار ، هم الذين يحملون هذه الأوصاف الثلاثة أم بعضها ، ابتداء من «يصدون» وانتهاء إلى (هُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ) وكل من هذه دركات يستحق أصحاب دركات من العذاب حسبها ولا يظلمون نقيرا.