(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)(٥١).
حوار بين أهل الجنة والنار في دار القرار ، يوم التناد ، يخيل فيها إلى أهل النار أن لأهل الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله كما كانت هناك إفاضة في دار الفرار ، فإذا هم مفاجئون ب (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) تحريما بحريم الاضطرار دون اختيار ، إذ مضى يوم التكليف الإختيار ، ولات حين فرار ، وهم (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) : اتخذوا طاعتهم الحقة وهي الدين الحق «لهوا» يلتهون به حيث يلهيهم عما يعنى لهم «ولعبا» به يلعبون حيث كانوا به يستهزءون ، فاتخذوا دينهم : الطاعة ، مخلدا إلى أرض الشهوات ، فلا يطيعون ـ إذا ـ إلا لهوا ولعبا (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) بما انغروا بها حيث أبصروا إليها فأعمتهم ولم يبصروا بها لتبصّرهم (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) نعاملهم معاملة الناسي إياهم على علمنا بهم ، تحريما عليهم ما يقدم للضيفان من النعم (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) عامدين لاهين لاعبين ، وك (ما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) فنحن نجحدهم كما جحدوا ، وننساهم كما نسوا جزاء وفاقا.
ذلك كيف لا يشغلهم ما هم فيه من النار عن الماء وسائر رزق الله؟ حيث الماء يخفف عن حر النار وسائر رزق الله يسد عن الجوع ، والعطش والجوع هما مما لا ينسيان في أية ملابسات (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٦ في كتاب الإحتجاج عن عبد الرحمان بن عبد الله الزهري قال : حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكيا على يد سالم مولاه وحمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم جالس في المسجد فقال له سالم : يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين ، فقال هشام : المفتون به أهل العراق؟ قال : نعم ، قال : اذهب إليه فقل له : يقول لك أمير المؤمنين ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال أبو جعفر (عليه السّلام) : يحشر الناس على مثل قرصة النقي فيها أنهار منفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ الناس من الحساب ، قال : فرأى هشام انه ـ