ما كانُوا يَفْتَرُونَ) على الله من شركاء وشفعاء وما أشبه من فرية على الله أو على رسل الله ورسالاته.
ذلك ، وقد تدل هذه الآية بعشرات من أمثالها على واقع الإختيار للمكلفين ، وإلّا فلما ذا يتطلبون الرجوع إلى الحياة الدنيا ، وإلى عدم التكليف يوم الدين ، وإلّا لكانوا يجبرون ما فاتهم فيعملون غير الذي كانوا يعملون في الأخرى ، دون تكلّف للارتجاع إلى الحياة الأولى.
ذلك ، ومن تأويل المبدء : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (١٨ : ٧٨) ومن المرجع : (قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) (١٢ : ٣٧) ثم لم يأت التأويل لذلك المعنى الشهير العليل ، أنه تفسير لنص أو ظاهر مستقر بخلافه نقيضا أو ضدا ، لا في القرآن ولا في اللغة حيث هو من الأول الرجوع ، ولا يرجع أي كائن في مثلث الزمان إلّا إلى مبدءه أو منتهاه حتى يتبين أصله وفصله دون خفاء.
ذلك هو التأويل ، وأما التفصيل في «فصلناه» وهو (عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فإنما هو التفصيل البيان التبيان دون أي خفاء ذاتي دلالي للقرآن في أبعاد العبارة والإشارة واللطائف ، ولكلّ نصيب مما كسبوا في ميادين المعرفة القرآنية (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
أجل إنه تفصيل فيه تحصيل لكل المحاصيل المعنية بالقرآن دون أي خفاء مهما كان فيه من العناء ، دون عزل ولا عضل لطائر الفكر الإنساني ، الجائل في مجالات الذكر الحكيم.
ذلك ، فليس فيه شك ولا ريب ولا عضال وصدود (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠ : ٣٧) ـ (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٢ : ١١١) (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً ..) (٦ : ١١٤).
فكما أن سائر الآيات المعجزات هي مفصلات غير مبهمات ك (الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) (٧ : ١٣٣).