(قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) وواقعه الذي ينتظرهم وهو غير ناظرين له (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً).
ذلك ، وتنديد آخر بتهديد (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) نسيان التناسي لأصله المفصل وتأويله المجمل حيث تعني «نسوه» كليهما ، أم هو يوم التأويل لكافة المكلفين ، ويوم القرآن بتأويله لأهله الخصوص ، ومن الشاهد على طليق التأويل (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ) فقد نسوا من ذي قبل لقاء يومهم هذا ، سواء أكانوا في زمن الشرعة القرآنية أم سواه من زمن الرسالات.
إذا ف (نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) تعني نسيان يومهم هذا المدلول عليه بكافة البراهين الآفاقية والأنفسية ، تكوينية وتشريعية ، ولا سيما المدلول عليه بالقرآن العظيم الذي هو مهيمن على كتابات الوحي ورسالاته كلها.
يقولون هذه القولة الخاسرة الحاسرة ثم يتساءلون عما قد ينجيهم من عذاب يومئذ : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) كما كنا نظن من ذي قبل أن «هؤلاء شفعاءنا عند الله ـ (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى).
«أو نرد» إلى حياة التكليف (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) عمل العقيدة الصالحة والعمل الصالح ، فإن طليق العمل يشمل كل عمل بجانحة أم جارحة ، والأولى أولى بكونها عملا لأنها منشأ سائر العمل ، ثم ولا يفيدهم عمل دون إيمان فكيف يترجونه في رجوعهم المستدعى؟!.
أجل (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) تعني غيارا كاملا فيها ، كافلا للفلاح يوم التأويل : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٥ : ٣٧) (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢٣ : ٩٩) ، (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (٣٢ : ١٢).
ولكنهم (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بما نسوا لقاء يومهم هذا (وَضَلَّ عَنْهُمْ