انه لم يكن لله عرش ولا كرسي قبل أن يخلق خلقا ، إذ «كان الله ولم يكن معه شيء» سواء أكان عرش السلطة التدبيرية والتقديرية الفعلية منه تعالى أو السلطة الملائكية المأذونة لهؤلاء المؤامرين ، حيث يحملون بما يحمّلون كأداة أمور التكوين والتشريع.
فأصل العرش وهو السلطة الربانية ليس إلا لله ، ثم فصله لعباد له خصوص يحملون أوامره إلى الكائنات ، فهم عمال رب العالمين فيما هم به يؤمرون.
فلأن عرش الله هو أمره السلطوي الربوبي ، فحملة عرشه هم
__________________
ـ يحمل العرش والسماوات والأرض؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : إن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أخضر اخضرت منه الخضرة ونور أصفر اصفرت منه الصفرة ونور أبيض ابيض منه البياض ، وهو العلم الذي حمّله الله الحملة وذلك نور من نور عظمته فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلقة والأديان المتشتتة ، فكل شيء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، فكل شيء محمول ، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شيء وهو حياة كل شيء ونور كل شيء سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ـ
قال : فأخبرني عن الله أين هو؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ،) فالكرسي محيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى وان تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى وذلك قوله : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حمّلهم الله علمه وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلقه الله في ملكوته وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله فقال : «وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» وكيف يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته ... أقول : للاطلاع على مضامين الحديث الغامضة راجع تفسير آية الكرسي. وهنا أحاديث أخرى سردناها عندها وأهمها حديث حنان بن سدير فراجع.