(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أنكم سوف تخرجون ، حيث يتواتر إخراج الموتى على منظركم ومرءاكم طول خط الحياة الدنيا (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الحياة الأخرى ، بهذه المذكرات المتواترة من إخراج الحياة من الميتات ، وهو سند دائب للأولوية القطعية لإخراج الموتى من أجداثهم ، إدخالا لأرواحهم في أجسادهم.
ذلك ، وكما أن هذه الرياح هي بشرى بين يدي رحمته في هذه الدنيا ، كذلك وبأحرى رياح الأخرى هي بشرى بين يدي رحمته العليا حيث يرسلها لتقلّ سحابا يسوقه لكل الأموات ، إحياء لهم وإخراجا لكل الثمرات التي هي حصائل الأعمال صالحات وطالحات.
أجل و «كذلك» المتواتر المتكاثر الذي ترونه هنا (نُخْرِجُ الْمَوْتى) وبأحرى ، إخراجا للثمرات المستحقة بالأعمال ، كما تخرج الثمرات هنا للعمّال وأين ثمرات من ثمرات؟.
ذلك ، والماء هو الماء ولكن البلاد تختلف طيبا وخبثا ، والثمرات المخرجة هي المتناسبة مع طيب البلاد وخبثها هنا وفي الأخرى :
(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)(٥٨).
وهكذا نجد مثال القلب الطاهر والخبيث بالبلد الطيب والخبيث حيث يسقيان بماء واحد والثمر مختلف حسب اختلاف القلب كما البلد.
وقد يروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها بقية قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى ، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء فذلك مثل من فقه في دين الله وتفقه ما بعثني الله به فعلم وعمل ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٩٤ ـ أخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :