صحيفتهم عن صفحة الكون مشيعة بالتبكيت والإخمال ، والمفارقة والانفصال.
ولعل في كتاب حبقوق النبي (عليه السّلام) الباب الثالث الآية السابعة إشارة إلى رجفة مدين السالفة إضافة إلى المدائن الكسروية بميلاد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونصها بالأصل الكلداني كالتالي :
«چادرى دكوشن بركد پردد ارعا دمدين» :
لقد تزعزت الچوادر والخيم في مدين.
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)(٩٣).
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) وهم في قبضة الرجفة ، ولمّا يموتوا ، كما (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) بعد أن ماتوا وقال (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) أصلية وفرعية بكل بلاغ بالغ وبيان فائق ، ثم (وَنَصَحْتُ لَكُمْ) بعد البلاغ ، جمعا للنصح إلى بلاغ الحجة البالغة ، تليينا لما تصلّب منكم ، من أدمغة وخراطيم مستكبرة فيكم وهي بعد عليكم ، ولم آل جهدا في إنجاءكم (فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) ولا يعني الأسى عليهم ـ إذا ـ إلّا ما عساه نكران لعدل الله وحكمته ، أم نقصان في بلاغ رسالته!.
ذلك ، وهذا الخطاب العتاب باستفهام الإنكار ، عذاب لهم فوق العذاب ، سواء أكان عند نزول العذاب ولمّا يموتوا ، أم وبعد موتهم ، إعلانا ببلاغ الحجة دون قصور فيها أم تقصير ، وإعلاما بأن لا مجال للأسى عليهم فإنهم عامدون عاندون في النكران ، فمستحقون لعذاب الاستئصال.
أفبعد إبلاغ الرسالة والنصيحة يؤسى على قوم كافرين ، ولا يؤسى على المستحق بالعدل والحكمة الربانية ، حيث الأسى ـ إذا ـ عساها استرحام على من جرى بحقه حكم الله!.
هنا وقفة للتعقيب على ذلك القصص وأضرابه ، كشفا عن خطوات