(عليه السّلام) وتصليحا لهم أنفسهم ، فحين لا يتمكن المؤمنون أن يحصلوا على جو الإيمان الخالص أو الأكثري في كل القرى لأنه أمر صاحب الأمر بما وعد الله ، فعليهم ـ إذا ـ أن يصلحوا مجتمعاتهم المنزلية وفوقها كما يستطيعون ، ولكي تنزل عليهم ـ كجمع ـ بركات من السماء والأرض.
ذلك ، ولا تنافي المشيئة التشريعية امتناع واقع مشروع باختيار ، وإن كان امتناعا مطبقا ، فضلا عن المطلق الذي قد يتحقق باختيار.
وهذا الحكم جمعي وليس شخصيا أن كل من آمن واتقى تنزل عليه بركات من السماء والأرض ـ اللهم إلا بركات معنوية ـ مهما حكم أحيانا للأشخاص أيضا كما يستحقون.
فالإيمان والتقى أول ما يصلحان هو الحياة الدنيا أن تصبح حياة عليا حيث المؤمن دنياه آخرة.
ذلك ، ولأن زمن صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه يحلّق الإيمان والتقى على أهل القرى إلّا من شذ ، فقد تنزل عليهم بركات من السماء والأرض ، كما تخرج له الأرض أفاليذ كبدها ، ويروى فيما يروى بهذا الشأن ـ عن الإمام الحسين (عليه السّلام) في حديثه عن الرجعة : «ولتنزلن البركة من السماء والأرض حتى أن الشجرة لتضيف بما يريد الله فيها من الثمرة وليؤكل ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء» وذلك قوله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى ...)(١).
أجل وهذه ضابطة ثابتة (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (١٢ : ١١) وقد تشمل إلى «ما بقوم» ما بشخص ، اللهم إلا أن تمنع طوارئ وملابسات حقوق الأشخاص هنا ، ولكن حقوق الجماهير محتومة مختومة بما يغيرون إلى خير فخير ، أم إلى شر فشر.
وهنا «آمنوا» ناحية منحي إيجابيات الإيمان علمية وعقيدية وعملية ثم «واتقوا» منحاها السلبيات علمية وعقيدية وعملية ، فهما يحلّقان على كافة الواجبات والمحرمات الأصلية والفرعية ، الفردية والجماعية ، وكلها
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٥٢ في الخرائج والجرائح عن الحسين (عليه السّلام)