اختصارة واحتصارة في كلمة الإخلاص (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).
وهنا «لفتحنا» دون «خلقنا» وما أشبه ، دليل أن هناك بركات في السماء والأرض هي مغلقة على أهل القرى بما (كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
فهنا تعامل بين صالح الأعمال الجماهيرية وطالحها ، وبين بركات من السماء والأرض ودركات في الأولى كما في الأخرى دون أية فوضى جزاف (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
وبما أن صالح الإيمان دليل على حيويّة الفطرة الصالحة غير المنحرفة المنخرفة ، وصدق في الإدراك ، وتصادق مع حق الواقع والواقع الحق ، فهو قوة دافعة تجمع جوانب الحيوية الإنسانية كلها متجهة إلى جهة واحدة ، مستمدة من قوة الله الذي لا إله إلا هو ، فإنها تحرّرة صالحة بالغة ، عن عبودية آلهة الأرض إلى عبودية إله السماوات والأرض.
ثم وتقوى الله يقظة واعية داعية إلى ترك المحظورات وفعل المحبورات ، صائنة عن الاندفاع والتهوّر والتشتت والتشطّط والغرور ، و «أوثق العرى كلمة التقوى» (١) عروة يتعلق بها فتنهض من المعاثر ، وتنجي من المزالّ والمزالق ، فهي الحبل المتين ، والمستند النضد الأمين.
لذلك فهما جناحان يطير بهما الإنسان إلى أعلى قمم الكمال الممكن لأيّ كان ، حيث يسير بهما الإنسان إلى مصيرات البركات التي وعدها الله لأهل الله.
وترى لماذا هنا «بركات» وهناك «حسنة»؟ حيث الحسنة هي ما تلائم المشتهيات خيّرة أم شرّيرة ، فهي بين بركات ودركات ، بين نعمة هي رحمة وأخرى هي زحمة ونعمة ، ولكن «بركات» هي خليصة الخيرات دون تبدل إلى دركات ، نتيجة الإيمان والتقوى ، فكل حسنة وسيئة ابتلاء ، و (بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) هي قضية النجاح في الابتلاء بهما.
__________________
(١) المجازات النبوية ص ٨٤