ثم المواعدة الخفية عن قوم موسى هل كانت خفية على موسى نفسه كما هم ، ثم أوحيت إليه بعد كمال الثلاثين ، أم كان يعرفها عند المواعدة الأولى ، دون سماح له أن يخبرهم بها؟ الظاهر أنه ما كان يعلمها كقومه على سواء ، وإلا لم تكن مواعدة ثانية ، إنما هي مواعدة واحدة هي «أربعون ليلة».
إذا ف (أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) بمواعدة ثانية بعد الثلاثين أم ضمنه ، دون أن تكون أوحيت إليه مع الأولى ، اللهم إلا بتأويل أن الله واعده الأولى أن يخبر بها قومه ، ثم بعدها الثانية دون فصل ألا يخبرهم بها ابتلاء لهم بما أثقلوا ببراهين الحق الحقيق بالتصديق ، وهم مكذبوه ، فهي ـ إذا ـ من بلية الشر جزاء وفاقا ، وعدلا بما أوتوا من تلكم البراهين.
هذا ، ولأن المواعدة كانت تشملهم أجمع حسب الجمع في طه : «واعدناكم» و (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) فقد كانت المواعدة الأصيلة هي ثلاثين ليلة ثم (وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) إتماما للعدة المعنية بذلك العدد المبارك وعشر ذي الحجة.
ذلك وللأربعين عديدا ومعدودا منزلتها في مختلف الحقول تكوينا وتشريعا ف «ما أخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوما إلا زهده الله في الدنيا وبصره داءها ودواءها وأثبت الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه ..».
وهي هنا كما يروى ثلاثون ذي القعدة ـ حيث اتفقت هكذا حين المواعدة ـ وعشر من ذي الحجة ، وما يروى سنادا إلى ثلاثين هذه أن ذا القعدة هي ثلاثون يوما (١) هي خلاف الواقع المكرور ، كما وأن «ثلاثين»
__________________
(١) ثلاثون يوما لقول الله عزّ وجلّ : «وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً» ومثله في الكافي عنه (عليه السّلام).
أقول : أمثال هذه التطرفات هي تذوقات غير مسنودة إلى دليل تفترى على المعصومين (عليهم السّلام)!.