والاصطفاء هو استخلاص الصفوة الصالحة بين الناس ومن أشبه ، وهكذا يكون كل رسل الله أنهم مصطفون على كل الناس الذين هم أرسلوا إليهم ، من مرسلين ككل مثل خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) أم نبيين إسرائيليين ومن سواهم من المكلفين أجمعين كموسى (عليه السّلام).
(وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) (١٤٥).
«الألواح» هنا هي ألواح التوراة ، ثم «وكتبنا» هي كتابة ربانية كما الكلام رباني ، فلم يكن هنا وهناك وسيط غير رباني في الكتابة والكلام ، فقد «كلمه ربه» وكتب «في الألواح» وفيه (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) تحتاجه الأمة التوراتية من شرعة «موعظة» هي جانب العظة التوراتية (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) من الأحكام وسائر المعارف الربانية لدور الشرعة التوراتية «فخذها» ما كتبناها «بقوة» إيمانية رسولية ورسالية علمية وعقيدية وعملية (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وكلّها الحسنى لردح الزمن الرسالي التوراتي (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) هنا ويوم الدين ، والفاسقون هنا هم المتخلفون عن التوراة ، المستكبرون أمامها ، وترى كيف (يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها)؟ وهي كلها الحسنى!.
هنا «أحسنها» قد تعني أحسن قوة ، أن خذوها بأحسن قوة فإنها أقرب مرجعا وأصلح معنى ، وهنا «أحسنها» دون موسى فإنها له «بقوة» فإن قواتهم كانت مادية ناحية منحى الشهوات ، وأما موسى ف «بقوة» رسولية ورسالية عاصمة عن كل زلة وعلة.
__________________
ـ عني وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل فغفرانك القديم ، قال : فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا موسى بن عمران أتدري لما اصطفيتك لوحيي ولكلامي دون خلقي؟ فقال : لا علم لي يا رب ، فقال : يا موسى اني اطلعت إلى خلقي اطلاعة فلم أجد في خلقي أشد تواضعا لي منك فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي قال : وكان موسى (عليه السّلام) إذا صلى لم يتنفل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض والأيسر.