أم تعني أحسن أخذة ، دون أن يأخذوها علميا ويتركوها بغيره ، أم يأخذوها عقيديا ويتركوها عمليا ، فهي إذا أخذة شاملة كاملة تحلّق على كل واجهات التوراة علميا وعقيديا وتطبيقيا ودعائيا.
هذا ومن «أحسنها» هو أحراها بالأخذ في دوران الأمر ، ففي الواجبات أوجبها ، وفي المندوبات أندبها ، ثم في المحرمات تركا لها أشدها وكذا في المرجوحات ، ومن ثم فيما يتقرب به إلى الله على ضوء شرعة الله يأخذوا بأشقها فإن أفضل الأعمال أحمزها.
وباحتمال خامس القصد من أحسنها كلّها ، لأن كلها هي الحسنى فهي من إضافة الشيء إلى نفسه ، فموعظة التوراة وتفصيلها لكل شيء ، هما أحسن مما في سواها من كتابات الوحي على مدار الرسالات حتى اختتام شرعة التوراة.
ثم الأحسن المطلق هو وحي القرآن : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٣٩ : ٥٥).
ومن الفوارق بين التوراة والقرآن أن التوراة (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) : بعضا منهما ، والقرآن (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) كما أن رسول القرآن هو شهيد الشهداء رسوليا ورساليا : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٦ : ٨٩) ف (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (١٧ : ٩) وكما يذكر بعد التوراة والإنجيل مهيمنا عليها : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)(١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٦٨ في كتاب الاحتجاج عن عبد الله بن الوليد السمان قال قال أبو عبد الله (عليه السّلام): ما يقول الناس في أولي العزم وصاحبكم أمير المؤمنين ـ