سواه ، ولا سيما الغضب في الله حيث يراه يشرك به! ، وإن كان عن غير تقصير من الداعية الرسولية ، إنما ذلك لواقع الأمر الإمر.
وفي نظرة أخرى إلى مسرح الآيات التي تستعرض قصة موسى وهارون هنا وفي طه لا نجد أية لمحة مركزة إلى تقصير لموسى وأخيه (عليهما السّلام).
ففي طه (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) (٩٣) لا يعني ذلك السؤال إلا كما يعنيه لإبراهيم : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ..) (٢ : ٦٠) حيث يعني معرفة الجواب من إبراهيم حتى لا يخيل إلى أحد أنه سأل لكونه لم يؤمن.
فقد يسأل موسى أخاه حتى يبين موقفه المعصوم السليم في خلافته لهؤلاء الأنكاد ، ولمن قد يخيّل إليه من أتباعه أنه عصى موسى إذ لم يتبعه ، فجاء الجواب : (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)(٩٤).
فقد تفرقوا في حقل عبادة العجل بين ثلاث ، عابدة له وتاركة للنهي عنه ، وناهية عنه ، وهو من خلفيات الدعوة الهارونية وكما تخلفه كافة الدعوات الرسالية.
فإذا اختلفوا هكذا بغياب موسى وحضور هارون والذين معه ، فقد يتوسع خلافهم بغياب الداعية الرسولية والذين معه ، إكبابا أكثر من رؤوس زوايا الضلال والإضلال ، والتحاقا بهم للمترددين بين الأمرين حيث لا يلتحقون بهارون والذين معه ، وتوانيا قد يحصل للبعض من الذين معه ، فيخلو الجو ـ إذا ـ لتوسع الضلال من السامري بعجله ، والذي عبدوه أو كاد أم يكاد.
وذلك التفريق بين بني إسرائيل ليس إلّا باتباع هارون موسى أن يلتحقه في ذلك الجو المحرج المخرج عن الهدى ، وما كانت وصية موسى لهارون إلّا (أَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) وخروجه عنهم إفساد واتباع