مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) (٧ : ١٦٧) ذل
ك ، والعذاب قد يكون مثناه دنيا وعقبى ، أم في الأول دون الأخرى أم في الأخرى دون الأولى ، أم لا عذاب فيهما ، وأقل العذاب للذين اتخذوا العجل هو (غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
أجل (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) هم مغضوب عليهم في الدنيا والآخرة إن لم يتوبوا عن عبادة العجل ، أم تابوا ولكنهم استمروا في سائر الضلال والإضلال ، ولا أقل من أنهم (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فإنهم تختصهم اللعنة بين سائر الملعونين : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) (٥ : ٦٠) ولقد «باؤا (بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) (٢ : ٩٠) أن كذبوا بما كانوا به يستفتحون على الذين كفروا : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٢ : ٨٩).
ذلك ، وبوجه آخر قد تعني (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا ...) حكاية حال الماضي أنه تعالى قرر وقدر عليهم نيل الغضب والذلة ، وكما نراهما مستمرّين عليهم منذ بداية تأريخهم المنحوس المركوس.
فمن نيل الغضب (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ..) إذا فمن : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) عنوانا خاصا لبني إسرائيل ، ثم من (لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ..) (٤ : ٦٦) ومن ثم سكوت الآيات بحق المرتدين عن هكذا قتل قضية الارتداد ، من هذه الزوايا الثلاث نتأكد أنه ليس إلا حكما توراتيا يختص ببني إسرائيل ، فلا يشمل المسيحيين فضلا عن المسلمين.
إذا ف (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قد تعني مثنى الغضب (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وسائر الغضب والذلة السائران عليهم طول حياتهم الدنيا ، مستمرا إلى يوم القيامة من المجاهدين الأحرار على هؤلاء الأشرار ، لا فقط لأنهم عبدوا العجل ، بل ولاستمرارهم في كل إفساد