المستدعي أن يكون «من قبل» حضور الميعاد ، أو «من قبل» سؤال الرؤية فيه بعد ما سألوه مرة أولى ، وهنا «لو» تحيل هذه المشية ، ثم «أتهلكنا» متفرع على تلك المشية المستحيلة ، ف (بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ) تعني السفهاء الذين يستحقون الإهلاك وهم الذين سألوا الرؤية ، دون سائر السفهاء في ذلك الحقل ، من الذين سكتوا عن النهي عن المنكر ، والذين سألوها نيابة عن الباقين السائلين ، «أتهلكنا» جميعا الشامل لموسى و (مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) والذين سكتوا والذين سألوا نيابة (بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) وهم السائلون الرؤية ، أم والقائلون لما نجوا عن البحر (يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (٧ : ١٣٨).
فلو أن هناك عذابا من ذي قبل لم يكن على سواء بالنسبة للسفهاء ، فضلا عن أن يشمل غيرهم بمن فيهم موسى نفسه.
وكما في قصة السبت (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) فلم ينج التاركون للنهي عن السوء كما الفاعلين للسوء مهما تفارقا في نوعية العذاب ، حيث اختص (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) بالذين صادوا يوم السبت باحتيال ، وللذين تركوا النهي عنه دون ذلك.
أجل إن هي : «الرجفة» الواقعة ـ أم والمتوقعة ب «لو» ـ الشاملة المزمجرة (إِلَّا فِتْنَتُكَ) امتحانا لمن سكت وامتهانا لمن سفه ، وعبرة لمن غاب ، وتذكرة لأولي الألباب.
فسماحه سبحانه لذلك السؤال ، وأخذهم جميعا سائلين وسواهم بالرجفة ، هذا وذاك فتنة ربانية (تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) إضلاله وهو الذي يشاء الضلال (وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) هداه وهو الذي يشاء الهدى ، وترى كيف حذفت الباء في تهدي؟ علّه لأن الهداية أعم موردا من مثل هذه الفتنة الصعبة وسواها ، وأما الإضلال فهي بصعاب الفتن كما يستحقها أهلوها.
«أنت ولينا» فيما تفتننا «فاغفر لنا» ذنوبنا سؤالا وسكوتا ، (وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).