ذلك ، وقد يتبين هنا أن الساكتين هنا ـ غير السائلين ـ ما كانوا من الذين عبدوا العجل بعد ذلك ، وذلك بأحرى لمن لا يسأل الرؤية الذي هو أخف من عبادة العجل ، ألا يعبدوا العجل ، فقد كان بين هؤلاء المختارين من سألوا الرؤية وعبدوا العجل ، وسواهم الذين لم يسألوا ولم يعبدوا ولكنهم سكتوا عما حصل فوصلهم ـ إذا ـ ما وصل.
وغريب من هؤلاء المجاهيل المغافيل أن يتخذوا العجل بعد سؤال الرؤية وأخذة الرجفة بالصاعقة ، كيف لم ينتبهوا فدخلوا فيما هو أفضح من سؤال الرؤية وهو عبادة العجل ، ثالوث تصاعدي سجله عليهم تاريخهم المنحوس ، إعلانا بعد التوراة في هذه الإذاعة القرآنية كثالوث النصارى فلقد تشابهت قلوبهم المقلوبة في ذلك الانحراف الانجراف السحيق المحيق!.
ذلك ، وقد أحياهم الله بعد موتهم بدعائه (عليه السّلام) وكما في آية البقرة : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٦) ولكنهم كفروا أكفر مما كفروا بديل أن يشكروا إذ (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) (٤ : ١٥٣).
وذلك البعث بعد الموت برهان لا مردّ له على البعث يوم القيامة الكبرى ، والبعث يوم الرجفة وهي القيامة الصغرى ، والحياة البرزخية وهي القيامة الوسطى.
وفي رجعة أخرى إلى آية الإختيار أدبيا ومعنويا ، ترى كيف اختارت «اختار» مفعولين اثنين وليس لها إلّا مفعول واحد؟ والحل أن «سبعين» عطف بيان للمفعول وليس مفعولا ثانيا أو بدلا.
ثم ولا يصح أنه ثاني المفعولين اللهم إلا بدل البعض من الكل ، أم بدل فإن قضيته أن قومه كانوا ـ فقط ـ سبعين رجلا ، وإنما (اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) والمختارون منهم سبعون كما هو قضية الإختيار.
ولأن عبادة العجل كانت بغياب موسى (عليه السّلام) حين أعجل