استبعاد لإهلاكه معهم إذ لم يكن يستحقه أبدا ، ثم استعلام لإهلاك غير السائلين ، التاركين للنهي عن المنكر ، وقد أجاب عنه نفسه (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ).
وأخيرا يستسلم في دعاءه لله قائلا : «أنت ولينا» لا سواك ، فأنت تفعل بنا ما تشاء ولا تسأل عما تفعل وهم يسألون ، وما ذلك السؤال العضال إلّا استعلاما واسترحاما ، فإذ (أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا) لمن سأل ولمن سكت «وارحمنا» برحمتك (وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) عن الذنوب.
واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة إنا هدنا إليك.
(قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ)(١٥٦).
«حسنة» فيها تعني حياة حسنة ، ولماذا (اكْتُبْ لَنا)؟ ل (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) ، وذلك لموسى (عليه السّلام) وقومه ، ثم ولنا (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) (٢ : ٢٠١).
و «هدنا» من الهود ، وهو الرجوع برفق ، والقصد من الجمع في «هدنا» طائفة من السبعين الراجعين إلى الله من سؤالهم أو سكوتهم أما أشبه من تقصير أو قصور مع موسى نفسه و (أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) و «يهود» هي مضارعة «هاد» تعني ترجع برفق ، فقد سميت اليهود هودا ويهود بتلك المناسبة ، ثم عمت في أهل التوراة ككل ، ومما يوجه التعميم أن الراجعين إلى الله هادوا إليه ، والراجعين منهم عن الله هادوا عنه ، فهم هود ويهود بإحدى الواجهتين.
ولقد أجيب موسى (عليه السّلام) بتفصيل هو (قالَ عَذابِي ... وَرَحْمَتِي ..) : ف (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ) (٤ : ١٤٧) ـ (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (١٤ : ٧).
ورغم أن موسى (عليه السّلام) دعا لخصوص قومه قضية أن المجال