مجالهم ، نجد الله يجيبه بخاصة العذاب وعامة الرحمة دون اختصاص بقومه ، وإنما «من أشاء ـ و ـ كل شيء ـ وللذين يتقون و ..».
فقد (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) طليقة ، ولم يكتب على نفسه العذاب إلّا إذا لزم الأمر في ميزان العدل وكما وعد ، فقد استجاب الله هنا لموساه دعاءه وزيادة كما استجاب لإبراهيمه مقيدة حيث (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٣ : ١٢٤) واستجاب له أوسع مما طلب (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٢ : ١٢٦) وهكذا يؤدب الله أنبياءه من خلال طلباتهم وسواها من حاجيات ودعوات.
وانما حذفت هنا «حسنة» للآخرة ، وذكرت هنا في دعاء المؤمنين (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) لأن بني إسرائيل ما كانوا يستحقون تأكد الحسنة في الآخرة ، والمؤمنون بهذه الرسالة يستحقونها ، وهذا من أسباب الفرق بين الدعائين ، وما أشبه.
فمن آداب الدعاء تعميمه لمن يحتاجه ويصلح له وهم كافة المكلفين إلّا لمن تبين أنه من أصحاب الجحيم ، فقد «قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة فقال أعرابي وهو في الصلاة : اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ، فلما سلم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال للأعرابي : لقد تحجرت واسعا ، يريد رحمة الله عز وجل» (١).
و «أوحى الله إلى داوود (عليه السلام) يا داوود كما لا يضيق
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٧٧ عن المجمع في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ... أورده البخاري في الصحيح ، وفي الدر المنثور ٣ : ١٢٠ ـ أخرج أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد الله البجلي قال جاء اعرابي فأناخ راحلته ثم عقلا ثم صلى خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم نادى : اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لقد حظرت رحمة واسعة إن الله خلق مائة رحمة فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها وإنسها وبهائمها وعنده تسعة وتسعون.