الشمس على من جلس فيها كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها» (١).
وهنا خاصة العذاب وعامة الرحمة مما يدل على سبق رحمته غضبه وأنها هي الأصل ، ما كان إليها سبيل ، ولم تكن خلاف العدل والحكمة الربانية ، ف «عذابي» هنا وفي الآخرة (أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) وهو من يشاء الضلالة ويصر عليها (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) مكتوبة.
وفي رجعة أخرى إلى الآية (عَذابِي أُصِيبُ) يسع النشآت الثلاث رغم اختصاصه ب «من أشاء» وهو الذي يستحقه ولا سبيل عدلا للعفو عنه.
واما (رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) فلا ريب أنها الرحمة الرحمانية العامة في كل النشآت ، حيث الرحيمية لا تسع كل شيء لا سيما وانها كالصيغة الماضية ، وأما «فسأكتبها» فهنا لمرجع الضمير المؤنث استخدام يعني سأكتب الرحمة الرحيمية للذين .. فالمكتوبة هنا هي حصيلة رحمة الشرعة المصدّقة المطبّقة «للذين».
فالمكلفون بشرعة الله مكلفون برحمة خاصة رحيمية من الله ، فإن آمنوا بها في مثلث (يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) «فسأكتبها» تثبيتا لخلفية التصديق والتطبيق لهذه الرحمة ، وإلا فلا تكتب عليهم إلا العذاب.
وترى بعد (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ..) نزلت بمعناها على موسى ضمن ما أوحي إليه إجابة عن دعاءه (قالَ عَذابِي ..)؟ ولمّا ينزل الإنجيل بعد حتى يجدوه فيه! ، فقد تكون هذه التتمة زيادة قرآنية على ما أجيب به موسى (عليه السّلام) إعلاما حاضرا لأهل الكتاب أجمع؟ أم وبضمنها إشارة توراتية إلى نزول الإنجيل بعدها ، وكما نجد على هامش البشارات القرآنية في التوراة بشارات إنجيلية ، فصلناها في «البشارات».
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٧٧ في روضة الواعظين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : .. وفيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : افتخرت الجنة والنار فقالت النار يا رب يدخلني الجبابرة والملوك والأشراف وقالت الجنة : يا رب يدخلني الفقراء والضعفاء والمساكين فقال الله للنار : أنت عذابي أصيب بك من أشاء وقال للجنة : أنت رحمتي وسعت كل شيء ولكل واحدة منكما ملؤها.