بكرته فهنالك خفة الموازين عن بكرتها ، وبينهما عوان كما ولكل ميزان درجات ، وهذه الآية وأضرابها تتحدث عمن محّض الإيمان محصنا أو محّض الكفر محضا ، ثم العوان بينهما عوان في الإفلاح والإفلاج (١).
وأثقل الثقل في الميزان هو التوحيد الحق وحق التوحيد (٢) ، كما أن أسفل السفل هو الإشراك بالله.
ولأن الموازين : الحسنات ، تعم الظاهر إلى الباطن والباطن إلى الظاهر ، فثقلها يعمهما : «فمن كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه يوم القيامة ، ومن كان باطنه أرجح من ظاهره ثقل ميزانه يوم القيامة» (٣) والقصد من الرجحان الثاني ما يترك به الرئاء ، وإلّا فالسماوات بين الظاهر والباطن هي القصد والعدل.
ذلك ، وفي مختلف الموازين بين أصحابها يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء»(٤) ولأن مدادهم هو الذي يمد المناضلين إلى خطوط النار بما وعوا منهم من آماد الإيمان.
__________________
(١) الدر المنثور : ٧١ ـ أخرج أبو الشيخ عن جابر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يوضع الميزان يوم القيامة فيوزن الحسنات والسيئات فمن رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة ومن رجحت سيئاته على حسناته دخل النار» أقول : قد ينافيه (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) وان الحسنات هي ثقل الميزان والسيئات هي خفتها ، اللهم بتأويل أن الجامع بين الحسنات والسيئات له الموازنة بينهما دون أن يعني وزن السيئات.
(٢) المصدر أخرج الطبراني عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي نفسي بيده لو جيء بالسماوات والأرض ومن فيهن وما بينهن وما تحتهن فوضعن في كفه الميزان ووضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى لرجحت بهن.
(٣) الدر المنثور ٣ : ٧١ ـ أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص عن علي بن أبي طالب (عليه السّلام): ...
(٤) المصدر أخرج المرهبي في فضل العلم عن عمران بن حصين قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ...