أقواله وأفعاله وأحواله كتاب الله (١) ، وقد يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا ميزان العلم وعلي كفتاه» (٢) ، فقد يوزن الرسل بكتب الوحي ، وتوزن الأمم بهما ، دونما تخلّف عن حق الله قيد شعرة (٣).
وليس الأعمال توزن بسائر الموازين روحية وجسمية (٤) إنما هو قسطاس الحق من الله ، فإذا أردت أن تعلم أصادق أنت أم كاذب فانظر في قصد معناك وغور دعواك وغيّرهما بقسطاس من الله عزّ وجلّ كأنك في القيامة قال الله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ) فإذا اعتدل معناك بدعواك ثبت لك الصدق (٥).
ذلك و «الموازين» هي جمع الميزان حقا وقسطا في آية الأنبياء : ما يوزن به ، أو الموزون كما في آيتنا ، وهي العلوم الربانية والعقائد والنيات والأقوال والأعمال الصالحة ، فهي في صيغة جامعة «الحسنات» فقد يوزن بها بوزن «الحق» فيها ، فكلّما كانت أقرب إلى الحق المرام فهي أثقل ، وكلما كانت عنه أغرب فهي أخف وأسفل ، حتى تكون خاوية عن الحق عن
__________________
(١) في المعاني باسناده عن المنقري عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) عن قول الله عزّ وجلّ : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ ..) قال : هم الأنبياء والأوصياء.
(٢) ملحقات إحقاق الحق ٩ : ٢٠٩ و١٨ : ٤١٧ و١٣ : ٧٩ ـ ٨٠.
(٣) تجد تفاصيل البحث حول الوزن والموازين في آيات الأنبياء والمؤمنون والقارعة والكهف ، فراجع إلى مجالاتها في الفرقان.
(٤) نور الثقلين ٢ : ٥ في كتاب الإحتجاج للطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) حديث طويل وفيه : قال السائل : أو ليس توزن الأعمال؟ قال (عليه السّلام) : لا ـ لأن الأعمال ليست بأجسام وإنما هي صفة ما عملوا ، وإنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها وخفتها وإن الله لا يخفى عليه شيء ، قال : فما معنى الميزان؟ قال : العدل ، قال : فما معناه في كتابه (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)؟ قال : فمن رجح عمله.
(٥) مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السّلام) في كلام طويل : فإذا أردت ، وفي الخصال عن محمد بن موسى قال سمعت أبا عبد الله (عليه السّلام) يقول : إن الخير ثقل على أهل الدنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة وان الشر خف على أهل الدنيا على قدر خفته في موازينهم يوم القيامة.