وفي وصف الأنبياء وخاتمهم (صلى الله عليه وآله وسلم) نراه أكرمهم وأعزهم حيث «استودعهم في أفضل مستودع ، وأقرهم في خير مستقر ، تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهرات الأرحام ، كلما مضى منهم سلف قام منهم بدين الله خلف ـ
حتى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخرجه من أفضل المعادن منبتا ، وأعز الأرومات مغرسا ، من الشجرة التي صدع منها أنبيائه ، وانتخب منها أمناءه ـ
عترته خير العتر ، وأسرته خير الأسر ، وشجرته خير الشجر ، نبتت في حرم ، وبسقت في كرم ، لها فروع طوال ، وثمرة لا تنال ـ
فهو إمام من اتقى ، وبصيرة من اهتدى ، سراج لمع ضوءه ، وشهاب سطع نوره ، وزند برق لمعه ـ
سيرته القصد ، وسنته الرشد ، وكلامه الفصل ، وحكمه العدل ـ
أرسله على فترة من الرسل ، وهفوة عن العمل ، وغباوة من الأمم إلى دار السلام ، وأنتم في دار مستعتب على مهل وفراغ ، والصحف منشورة ، والأقلام جارية ، والأبدان صحيحة ، والألسن مطلقة ، والتوبة مسموعة ، والأعمال مقبولة» (الخطبة ٩٣).
«مستقرة خير مستقر ، ومنبته أشرف منبت ، في معادن الكرامة ، ومعاهد السلامة ، قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار ، وثنيت إليه أزمة الأبصار ، دفن الله به الضغائن ، وأطفأ به النوائر ، ألف به إخوانا ، وفرق أقرانا ، أعز به الذلة ، وأذل به العزة ، كلامه بيان ، وصمته لسان» (الخطبة ٩٥).
«أختاره من شجرة الأنبياء ومشكاة الضياء ، وذؤابة العلياء ، وسرة البطحاء ، ومصابيح الظلمة ، وينابيع الحكمة ـ
طبيب دوار بطبه ، قد أحكم مراهمه ، وأحمى مواسمه ، يضع من ذلك حيث الحاجة إليه ، من قلوب عمي ، وآذان صم ، وألسنة بكم ، متتبع بدوائه مواضع الغفلة ، ومواطن الحيرة ، لم يستضيئوا بأضواء