الصيد ـ فقط ـ عمله يوم السبت حتى يكونوا أحرارا في سائر المحاولات حول صيد السبت.
فكما (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (٥ : ٩٦) تحرّم كافة المحاولات حول الصيد حالة الإحرام ، إشارة وأخذا وبيعا وشراء وأكلا وإيكالا وما أشبه في حقل الإحرام ، كذلك السبت كان إحراما على هؤلاء ، إذ حرم عليهم فيه ـ فيما حرّم ـ : صيد الحيتان ، فكل المحاولات يوم السبت حول الصيد محرمة ، أخذا فيه ، أو حصرا ليأخذوه بعده ، أم أكلا مما أخذ يوم السبت أو سواه من قضايا الصيد من تقدمات ونتائح وأية ولائج في حقل صيد السبت.
وقد اختص الصيد هنا بالذكر من بين كل مسبوت فيه يوم السبت ، لأنه كان أفيد من كافة الأعمال ، ولا سيما أن حيتانهم كانت «تأتيهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك» الصعب الملتوي «نبلوهم» مثل هذه البلوى الشديدة «بما كانوا» طول حياتهم النحيسة «يفسقون» عن شرعة الله أصولا وفروعا.
«وسألهم» سؤال تنديد وتبكيت عن ماضي تأريخهم الأسود ، المستمر على طول الخط بمختلف ألوان فسوقهم عن شرعة الله ... (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) عدوا معتديا متعديا على شرعة الله (إِذْ تَأْتِيهِمْ ...).
فتراهم كيف عدوا فيه؟ هل صادوا فيه الحيتان جهارا ودون ستار؟والعصيان الجاهر هو دأبهم الدائب في المحرمات الأصلية ، والسبت عن العمل يوم السبت كان ابتلاء لهم لردح محدد من الزمن! سبتا عن مختلف تخلفاتهم النحيسة عن شرعة الله ، وليس مجرد الصيد في أصله مما يستحق به غليظ العذاب : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ).
أم احتالوا في صيدهم إذ لم يصيدوها يوم السبت ، وإنما سدوا عليها منافذ الفرار فصادوها بعد السبت؟ أم تأولوا محرم الصيد يوم سبتهم أن القصد منه حرمة أكل الصيد يوم السبت دون مجرد صيده؟ وهذا أنحس وأنكى لأنه يضم إلى محرم العمل محرم الحيلة الغيلة في حكم الله ،