تحليلا لما حرمه الله بتلك الحيلة ، أم افترقوا في عدوهم إلى هذه الفرق الثلاث؟ قد تحتملها كلها «إذ يعدون» فإن مجرد الصيد يوم سبتهم كان محرما عليهم سواء أصادوا ولم يأكلوا ، أم وأكلوا ، أم لم يصيدوا في نفس اليوم وإنما سدوا عليها طرق الفرار (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٨٨ في تفسير القمي حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أن قوما من أهل إيلة ـ وهي مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام ـ أو آخر الحجاز وأول الشام ـ من قوم ثمود وأن الحيتان كانت سيقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم العلماء من صيدها ، ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم إنما نهيتهم عن أكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها فاصطادوها يوم السبت وأكلوها فيما سوى ذلك من الأيام فقالت طائفة منهم : الآن نصطادها فعتت وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين فقالوا : ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضوا لخلاف أمره ، واعتزلت طائفة أخرى منهم ذات اليسار فسكتت فلم تعظهم فقالت للطائفة التي وعظتهم : (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) فقالت الطائفة التي وعظتهم : (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) قال : فقال الله عزّ وجلّ (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) يعنى لما تركوا ما وعظوا به مضوا على الخطيئة فقالت الطائفة التي وعظتهم : لا والله لا نجاكم ولا نأتيكم هذه الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم ، قال : فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن تصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء فلما أصبحوا أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد فوضعوا سلما على سور المدينة ثم اصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون فقال الرجل لأصحابه : يا قوم أرى والله عجبا ، قالوا : وما ترى؟ قال : أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون لها أذناب ، فكسروا الباب ، قال : فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابها من القردة فقال القوم للقردة : ألم ننهكم؟ فقال علي (عليه السّلام) : والله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة إني لأعرف أنسابها من هذه الأمة لا ينكرون ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا وقد قال الله : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وقال الله : (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).