وليست دويلة العصابات وتغلّبها على أراض وبلاد إسلامية إلّا في فترات عارضة غير فارضة ، هي من قضايا تهاون المسلمين عن جهادهم وجهودهم المتواصلين.
ثم وهذه البعثة الربانية المنبثة بين بعيثي الكفر والإيمان ، هي بين تكوينية وتشريعية ، وليست السيطرة الصهيونية في فترات كهذه التي طالت سنين ، إلّا من وراء وجرّاء فترة المبعوثين المؤمنين توانيا عن تحقيق واجبهم الإيماني في الدفاع عن حوزة الإيمان. و (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (١٣ : ١١).
ذلك ، فهم أولاء الأنكاد يعيشون سوء العذاب بصورتيها : المستمرة ، والمرتين في إفساد العالميين.
ذلك ، وقد تبلغ بهم الحال العضال لحد «تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر» (١).
(وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١٦٨).
هنا «أمما» قد تعني إلى أمم مذهبية تحت قيادات روحية ، أمما تحت قيادات زمنية أنهم هم مقطّعون أمما بين هذين وكما نجدهم أمما حتى الآن رغم تأسيس دويلة العصابات ، فمنهم من يرفضها فلا ينحو نحوها ، ومنهم من يفرضها فينضم إليها ، ومنهم عوان بين ذلك ، فالصالحون منهم بين من يؤمن ومن هو قاصر فلا يؤمن ، ومنهم دون ذلك بمختلف دركات الدون ، وأنحسها الصهيونية التي قد لا تحسب بحساب الأمة الدينية حيث تغلبت عليها السياسة الإبليسية فنسيت أنها أمة دينية كتابية.
ذلك (وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ) المرغوبة لديهم في الحياة «والسيئات» غير المرغوبة (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ويهودون إلى الله بعد ما هادوا عن الله ، فمن الناس من يرجعه إلى الله الحسنة ، ومنهم من ترجعه السيئة ، ومنهم
__________________
(١) الاطلاع الواسع على تفاصيل آيات الأسرى راجع ج ١٥ : ٣٧ ـ ٧٠ من هذا الفرقان.