الْكِتابَ) وهم علماءهم العملاء حيث (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى) في متجر الكتاب ، فيشترون به ثمنا قليلا بكلّ غرّة ، حيث (وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا) ويكأن الله ضمن لهم مغفرة متواصلة متآصلة دونما شرط ، فأصبحوا إباحيين رغم أنهم (وَرِثُوا الْكِتابَ) ثم (إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) حيث الأخذ بهكذا وخز أصبح من جبلتهم ، فهم تجار فجّار في حقل الكتاب وهم دارسوه ، يقولون على الله غير الحق بغية أخذ هذا الأدنى ، فليست دراسة في الكتاب وحدها تكفل تطبيقه حيث الإيمان هو الركن الركين المكين ، فقد لا يدرس الكتاب لأنه أمي وهو مؤمن ، ولكنه يطبقه تقليدا صالحا من الربانيين الدارسين له ، وقد لا يدرس ولا هو مؤمن ، فهو فاقد الجناحين ، ولكن الذي يدرسه ولا يؤمن هو أخطر في هذا البين ، فكم من دارسين الكتاب وهم عنه بعاد ، إذ يدرسونه ليتأولوه ويحتالوا فيه ويحرفوا الكلم عن مواضعه ، ناسين حظّا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم.
أجل ، يدرسونه ليجدوا المخارج لفتاواهم الحارفة الهارفة الخارفة ، ويريدون ليزينوا بالكتاب هذه الفتاوى النكاوى تدجيلا على السذج البسطاء ، فهم أخطر آفة على الدين والدينين ، فإن غير الدارس للكتاب لا يستطيع أن يحرف الكتاب أو يأوّله كما يهواه ، فذلك الدارس للكتاب هو كارث على الكتاب حيث لا يتقي الله!.
ومخترعوا المذاهب المختلفة المختلفة عن شرائع الله هم كلهم ممن درسوا في الكتاب فحولوه إلى ما يهوون ، وكأن الكتاب خادم لهم غير مخدوم ، فلا تجد عندهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ، ولا أغلى منه إذا حرف عن جهات أشراعه.
ذلك ، ولأن كل ما دون الكتاب هو عرض هذا الأدنى ، إذا فالأخذ بغير الكتاب برفض الكتاب ، إنه من عرض هذا الأدنى ، بل وأدنى من كل أدنى.
فرفض الكتاب بأخذ مال أو أي منال رفض ، ورفضه بأخذ كتاب آخر تقديما له عليه رفض ، وأين رفض من رفض؟!.