تعالى العقل من أربعة أشياء : من العلم والقدرة والنور والمشية بالأمر ، فجعله قائما بالعلم ، دائما في الملكوت» «وللعقل مراتب ودرجات قضية الحكمة الربانية (١)
(أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) وهم ورثة الكتاب ودرسته حيث (وَرِثُوا الْكِتابَ ... وَدَرَسُوا ما فِيهِ)؟ تفضيلا للدنيا على الآخرة (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) الدنيا المناحرة لها ، المنافية إياها (أَفَلا تَعْقِلُونَ)؟.
ذلك «ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ، فالتمسوا ذلك من عند أهله فإنهم عيش العلم وموت الجهل ، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ، وصمتهم عن منطقهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق» (٢).
وهنا (سَيُغْفَرُ لَنا) طليقة دون تقيد بتوبة ، وتحتيما دون قرن برجاء ، إنه دليل أنهم كانوا يحتّمون على الله الغفران رغم مواصلة العصيان ، وذلك من أنحس العصيان! فما دائهم؟ وما دواءهم؟ وما بالهم يقولون (سَيُغْفَرُ لَنا) متهافتين على عرض هذا الأدنى ، وكأنه هو الذي يحتّم الغفر على الله ، فهم أولاء يبررون لأنفسهم ذلك بتقول تغوّل على الله أنه «سيغفر
__________________
ـ النساء ، فإذا بلغ كشف ذلك الستر ، فيقع في قلب هذا الإنسان ثور ، فيفهم الفريضة والسنة ، والجيد والرديّ ، ألا ..».
(١) المصدر ٤٢ عن العلل عن إسحاق بن خالد قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السّلام): الرجل آتيه أكلمه ببعض كلامي فيعرف كلّه ، ومنهم من آتيه فأكلمه بالكلام فيستوفي كلامي كله ثم يرده عليّ كما كلمته ، ومنهم من آتيه فأكلمه فيقول : أعد علي؟ فقال : يا إسحاق! أو ما تدري لم هذا؟ قلت : لا ، قال : الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرف كلّه فذاك من عجنت نطفته بعقله ، وأما الذي تكلمه فيستوفي كلامك ثم يجيبك على كلامك فذاك الذي ركّب عقله في بطن أمه ، وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول : أعد عليّ فذاك الذي ركّب عقله فيه بعد ما كبر فهو يقول : أعد علىّ».
(٢) المصدر عن الإختصاص للمفيد عن الصادق (عليه السّلام).