لنا» وهم بدراستهم للكتاب يعلمون أن الله لا يغفر إلا للتائب حقا توبة نصوحا ، دون هؤلاء المصرين الذين (إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ) إصرارا وتكرارا للذنب!.
ذلك وقد أخذ عليهم ميثاق الكتاب في مجالات عدة منها الآتية في (إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٧١) ولكنهم رغم أنهم ورثوا الكتاب ودرسوا ما فيه أخذوا يأخذون بديله عرض هذا الأدنى ، وكلما يؤخذ ثمنا عن الكتاب ، هو عرض أدنى من كل دان لأنه فان ، والآخرة خير وأبقى للذين آمنوا وكانوا يتقون (أَفَلا تَعْقِلُونَ)؟.
وللعقل ـ ككل ـ جنود بمشتقاته هي كلها عقال للنفس بجنودها ، وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن العقل عقال من الجهل ، والنفس مثل أخبث الدواب فإن لم تعقل جارت ، فالعقل عقال من الجهل ، وإن الله خلق العقل فقال له : أقبل فأقبل ، وقال له : أدبر فأدبر ، فقال الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعظم منك ، ولا أطوع منك ، بك أبدأ وبك أعيد وعليك العقاب ، فتشعب من العقل ١ الحلم ، ومن الحلم ٢ العلم ، ومن العلم ٣ الرشد ، ومن الرشد ٤ العفاف ، ومن العفاف ٥ الصيانة ، ومن الصيانة ٦ الحياء ، ومن الحياء ٧ الرزانة ، ومن الرزانة ٨ المداومة على الخير ، ومن المداومة على الخير ٩ كراهية الشر ، ومن كراهية الشر ١٠ طاعة الناصح ـ فهذه عشرة أوصاف من أنواع الخير ، ولكل واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع ـ
فأما الحلم فمنه ١ ركوب الجميل ، ٢ وصحبة الأبرار ، ٣ ورفع من الضعة ، ورفع من الخساسة ، وتشهّي الخير ، ويقرب صاحبه من معالي الدرجات ، والعفو والمهل ، والمعروف والصمت ، فهذا ما يتشعب للعاقل بحلمه ـ