لا يتحدث بما ينكره العقل ، ولا يتعرض للتهمة ، ولا يدع مداراة من ابتلي به ، ويكون العلم دليله في أعماله ، والحلم رفيقه في أحواله ، والمعرفة تعينه في مذاهبه ، والهوى عدو العقل ، ومخالف الحق ، وقرين الباطل ، وقوة الهوى من الشهوة ، وأصل علامات الشهوة أكل الحرام ، والغفلة عن الفرائض ، والاستهانة بالسنن ، والخوض في الملاهي» (١).
وعنه (عليه السّلام): «الجهل صورة ركبت في بني آدم ، إقبالها ظلمة ، وإدبارها نور ، والعبد متقلب معها كتقلب الظل مع الشمس ، ألا ترى إلى الإنسان تارة تجده جاهلا بخصال نفسه ، حامدا لها ، عارفا بعيبها ، في غيره ساخطا ، وتارة تجده عالما بطباعه ، ساخطا لها ، حامدا لها في غيره ، فهو متقلب بين العصمة والخذلان ، فإن قابلته العصمة أصاب ، وإن قابلته الخذلان أخطأ ، ومفتاح الجهل الرضا ، والإعتقاد به ، ومفتاح العلم الاستبدال مع إصابة موافقة التوفيق ، وأدنى صفة الجاهل دعواه العلم بلا استحقاق ، وأوسطه جهله بالجهل ، وأقصاه جحوده العلم ، وليس شيء إثباته حقيقة نفيه إلا الجهل والدنيا والحرص ، فالكل منهم كواحد ، والواحد منهم كالكل» (٢).
ومن وصية موسى بن جعفر (عليهما السّلام) لهشام بن الحكم ملتقطات منها تالية:
«يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث كأنما أعان هواه على هدم عقله : من أظلم نور فكره بطول أمله ، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه ، واطفأ نور عبرته بشهوات نفسه ، فكأنما أعان هواه على هدم عقله ، ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه ـ يا هشام! كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك ، وأطعت هواك على غلبة عقلك ـ
__________________
(١) المصدر (٧٠) عن مصباح الشريعة.
(٢) المصدر (٧٢) عن مصباح الشريعة.