وأما كراهية الشر فيتشعب منه : الوقار ، والصبر ، والنصر ، والاستقامة على المنهاج ، والمداومة على الرشاد ، والإيمان بالله ، والتوقر ، والإخلاص ، وترك ما لا يعنيه ، والمحافظة على ما ينفعه ، فهذا ما أصاب العاقل بالكراهية للشر ، فطوبى لمن أقام الحق لله وتمسك بعرى سبيل الله ـ
وأما طاعة الناصح فيتشعب منها : الزيادة في العقل ، وكمال اللّب ، وممهرة العواقب ، والنجاة من اللّوم ، والقبول ، والمودة ، والإسراج ، والإنصاف ، والتقدم في الأمور ، والقوة على طاعة الله ، فطوبى لمن أسلم من مصارع الهوى ، فهذه الخصال كلها تتشعب من العقلـ
قال شمعون : فأخبرني عن أعلام الجاهل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن صحبته عنّاك ، وإن اعتزلته شتمك ، وإن أعطاك منّ عليك ، وإن أعطيته كفرك ، وإن أسررت إليه خانك ، وإن أسرّ إليك اتهمك ، وإن استغنى بطر ، وكان فضا غليظا ، وإن افتقر جحد نعمة الله ولم يتحرّج ، وإن فرح أسرف وطغى ، وإن حزن آيس ، وإن ضحك فهق ، وإن بكى خار ، يقع في الأبرار ، ولا يحب الله ، ولا يراقبه ، ولا يستحيي من الله ، ولا يذكره ، إن أرضيته مدحك وقال فيك من الحسن ما ليس فيك ، وإن سخط عليك ذهبت مدحته ووقع فيك من السوء ما ليس فيك ، فهذا مجرى الجاهل» (١).
وعن الصادق (عليه السّلام): العاقل من كان ذلولا عند إجابة الحق ، منصفا بقوله ، جموحا عند الباطل ، خصيما بقوله ، يترك دنياه ولا يترك دينه ، ودليل العاقل شيئان: صدق القول ، وصواب الفعل ، والعاقل
__________________
(١) المصدر (٥٤) تحف العقول قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في جواب شمعون بن لاوي ابن يهودا من حواري عيسى (عليه السّلام) حيث قال : أخبرني عن العقل ما هو؟ وكيف هو؟ وما يتشعب منه وما لا يتشعّب؟ وصف لي طوائفه كلها فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن العقل عقال ...