المحلقة على فكرة «الله».
ثم (عَنْ أَيْمانِهِمْ) تعم العقل بجنوده (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) تشمل الجهل وجنوده ، إظهارا للعقل بجنوده جهلا ، وللجهل بجنوده عقلا ، وخلطا بين كل حق وباطل للبسطاء الذين لا يعقلون ، بل والخلط على العلماء ، اللهم إلا المخلصون والمخلصون.
وكما أن (مِنْ خَلْفِهِمْ) تشمل كل خلف قريب أو بعيد ، كذلك (بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) بل وهي أشمل منها حيث تشمل الحاضر إلى المستقبل.
فقد يحلق الشيطان في إغوائه على كل الآيات الآفاقية والأنفسية (١).
وبصيغة أخرى الصراط هو الدين ، ف «صراطك» هو دين الله ، جعله الله طريقا للنجاة والمفاز ، وإنما قال : «صراطك» حيث الدين هو الطريق المؤدية إلى مرضاته ، إلى قربه وزلفاه ومثوبته ، فكان إبليس لعنه الله إنما يوعد بالقعود على طريق الدين ـ الشاملة على الجهات الأربع ـ ليضل عنه كل قاصد ، ويرد عنه كل وارد بمكره وخدائعه وتلبيساته ،
__________________
(١) وهنا إجابة عن شطحات إبليسية سبع كلمة واحدة «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ» بالمعترفون بالله مشركين أو موحدين ليس لهم سؤال الاعتراض على الله حيث المسؤول إنما هو الظالم ـ الجاهل ـ القاصر أو المقصر ، ولأننا لا نحيط علما وهو بكل شيء محيط فلا سؤال إذا اللهم ألا تفهما.
والأمور أمامنا ثلاثة : منها ما نعرف حكمة لها ، وأخرى لا نعرف ، وثالثة يخيل إلينا أنها خلاف الحكمة ، فلأن الله تعالى حكيم عليم لا يخطأ ونحن نخطأ فقضية العقل أن نتهم عقولنا المحدودة دون الحكمة الربانية الحكيمة العليمة.
فمهما جاز لنا أن نخطئ من هو أعلم منا بما علمناه خلافه ، لا يجوز لنا أن نخطئ ربنا إذ لا يمكن منه الخطأ ، فحتى إذا وصلنا بعقولنا أم علومنا أم حواسنا إلى خطأ في خلق. فما لا ريب فيه جواز الخطأ لنا دون الله فلنخطئ آراءنا دون الله.
ثم الملحدون في الله الناكرون إياه لا مورد لهم لسؤال ، اللهم إلا قولهم : إن كان الله هو الذي خلق ما خلق فلما ذا ..؟ والجواب انه لأنه الله الخالق المحيط بكل شيء ، الغني عن كل شيء. فقد يجب عليكم أن تخطئوا حلومكم وعلومكم أمام علمه المحيط.