وتسهيلات في الدين تلائم كافة التخلفات والتحذلقات كالصوفية العارمة التي لا تبقي للدين إلّا صورة خيالية لا واقع لها في واقع الحياة.
والآخرون يؤتون بما يبعّدهم عن التحرّي عن الدين ، مهما كان صورة له بلا سيرة. وهكذا «شمائلهم» و (بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) و «خلفهم» فإن له خطوات للتضليل حسب القابليات ، من ضيّقة إلى واسعة وإلى أوسع حتى يورد السالكين موارد الهالكين فضلا عمن سواهم ، وكما قال أبو جعفر عليهما السّلام : «يا زرارة إنما عمد لك ولأصحابك فأما الآخرون فقد فرغ منهم» (١).
فقد يأتينا الشيطان بخيله ورجله من كافة المداخل الآفاقية والأنفسية ، صدا عنهما خلاف ما أراده الله منا (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ف (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) تعم الحاضر إلى المستقبل وهما النشآت الثلاث بما فيها. و «ما خلفهم» تعم في الغابر كلما حصل منه وممن سواه ومن الله ، وهما مشركان في الانفصالية الآفاقية.
ثم «عن أيمانهم» تعم أيمان الفطر والعقول والعقيدة في مثلث الزمان ، و «عن شمائلهم» تعم شمائل النفس الأمارة بالسوء ومخلفاتها ، وهما العقل والجهل بجنودها ، ويشتركان في الاتصالية الأنفسية ، وهذا هو الفارق بين المعبر فيها ب «من» وأخرى ب «عن» حيث يختلف مجيئه «من» آفاقيا ، عن مجيئه «عن» أنفسيا ، هنا تجاوزا عنها إلى الأنفس ، وهناك صدورا من آفاقها إليها.
وهؤلاء الذين يحيط بهم الشيطان من هذه الجهات الأربع فيضلهم هم الذين : اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا ، واتخذهم له أشراكا ، فباض وفرخ في صدورهم ، ودبّ ودرج في حجورهم ، فنظر بأعينهم ، ونطق
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٠ في روضة الكافي ابن محبوب عن حنان وعلي بن رئاب عن زرارة قال : قلت له قوله عزّ وجلّ «لأقعدن ..» فقال : ..