يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٣)
خطابات ل «بني آدم» ككل ، دون اختصاص بالأمة الأخيرة ، حيث المسرح مسرح حياة الإنسان ككلّ منذ البداية حتى النهاية ، فالتعلق بمثل (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ..) بمواصلة الرسالة بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يوم الدين ، تعلّق قاحل وتعلّل جاهل من غرقى الأهواء الطائشة ، فلا تعني (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) هنا إلّا ما عنته فيما خوطب به الأبوان الأولان : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢ : ٣٨) خطابات أربع كأركان أربعة لهندسة البنيان الإنساني بسلبيات وإيجابيات تختصر وتحتصر في كلمة التوحيد : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).
ففتنة الشيطان بمختلف مظاهرها تنفيها «لا إله» في كل حقول الفتن ، ثم (يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ) كأصل ، و (لِباسُ التَّقْوى) و «القسط» و (أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وما أشبه ، يثبتها «إلا الله» فقد رفع صرح الإنسانية أصولا وفروعا ب (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).
هذه الآيات هي معرض لوقفة طائلة هائلة بين بني الإنسان والشيطان ، التي بانت طلائعها بينه وبين أبوينا الأولين ، وقفة تحذير من أساليب الشيطان ومداخله ومخارجه. وكشف خطط له وخطوات يخطو بها إلى دركات الإلحاد والإشراك.
وهنا عرض لواقع من الجاهلية الجهلاء أنهم كانوا ينسبون فاحشتهم