إلى الله ، كطوافهم بالبيت مكاء وتصدية ، وبنساء عاريات كأن عراهن من شعار الطواف الذي أمر به الله وما أشبه من شعارات جاهلية خالية عن شعورات وآداب إنسانية فضلا عن إيمانية :
(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(٢٦).
هنا ذكر نعمة جسدانية هو ذكرى لأخرى روحانية هي التقوى ، حيث تستر كل عصيان وطغوى عن كيان الإنسان ككلّ ، تحذيرا حذيرا نذيرا عما تورط فيه أبوانا الأولان من التعري من لباسي الجسم والروح حيث الشيطان بإغوائه إياهما (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما ..).
وترى (إِنَّا أَنْزَلْنا ..) تعني نازل السماء؟ وليس (لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) من نازل السماء! ولا أنه تعالى كائن السماء حتى تصبح عطيته نازلة السماء!.
إنه إنزال من سماء الرحمة الربانية مكانة ، لا مكانا ، وإن كان بالإمكان ـ أيضا ـ قصد المكان حيث اللباس والريش هما من نابتات الأرض بما ينبتها ماء السماء ، كما «أنزل لكم ثمانية أزواج» (٣١ : ٦) (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) (٥٧ : ٢٥) وما أشبه ، ولكن عدم ذكر السماء فيها وفي أضرابها قد يختص معناه بسماء الرحمة ، وإن ضمن هذه السماء ، فكل الرحمات نازلة من خزائنه كما يريد من أرضيات أم سماويات : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (١٥ : ٢١) فقد أنزل (لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) بسائر ما أنزل من غيبه العالي إلى الدنو الداني ، وهذا هو معنى الإنزال.
ثم (لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ) هو الملابس مواضع السوآت ، الملاصق لها ، وأمّا ريشا» فلباس فوق ذلك اللباس هو زينة لنا.
ولأن الروح هو أفضل جزئي الإنسان كونا وكيانا ، فلباس الروح خير من لباس الجسم : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) كما وهو أشمل من لباس