الجسم حيث يشمله إلى الروح ، فمظاهر التقوى في ملابس وسواها ، كبواطنها ـ كلها ـ يشملها (لِباسُ التَّقْوى).
و «التقوى» الطليقة هي الاتقاء عن كلما يدنس الإنسان جسما أو روحا ، فلباسها يشملهما دون إبقاء كما تشمل القوى كل كيان الإنسان.
لذلك ف «ذلك خير» إشارة إلى بعد المحتد وعلوّه في (لِباسُ التَّقْوى) فأين ـ إذا ـ لباس من لباس؟.
«ذلك» اللباس والريش (مِنْ آياتِ اللهِ) الدالات على واجب الستر عن السوءة (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) واجب ستر عن السوآت الروحية ، ومن الفارق بين سوآت الجسم والروح أن لباس الجسم وريشه يستران واقع سوآته عن الأنظار دون إزالة ، ولباس التقوى يزيل كل سوآت الروح ورذائله العلمية والعقيدية والخلقية والعملية أماهيه ، كما وأن اللباس الساتر لعورات الجسم هو أيضا من لباس التقوى ، وقد أبدى سوآت أبوينا الأولين ترك التقوى ، فعن شعور التقوى لله والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح عرى الجسد والحياء منه ، ومن لا يستحي من الله ولا يتقيه ولا يهمه أن يتعرى أو أن يدعو إلى العرى ، والله يذكر بني آدم بنعمته عليهم في تشريع اللباس الساتر صيانة لإنسانيتهم من التدهور إلى عرف البهائم العارية العورات (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أنهم خارجون عن حياة الحيوان إلى حياة سامقة عالية إنسانية.
وعبارة أخرى عن لباس التقوى «العفاف ، إن العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عاريا من الثياب ، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسيا من الثياب» (١).
وإنما سمى لباس الزينة ريشا تشبيها بريش الطائر حيث يستر جملته
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٥ في تفسير القمي عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السّلام) في الآية «فأما اللباس فالثياب التي تلبسون واما الرياش فالمتاع والمال ، واما لباس التقوى ..».
أقول : هنا بدل «الريش» وهو لباس الزينة «الرياش» وهو المتاع ولعله سهو من الراوي ـ