ذلك ، ومن ولاية الشياطين للذين لا يؤمنون معاكسة الحقائق ، إراءة للفاحشة الطائشة أنها بأمر الله ، وللطاعة الربانية أنها بأمر الشيطان :
(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢٨).
هنا تبرير أول لافتعال الفاحشة : (وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) وسنة الآباء القدامى حجة على الأولاد ، وتبرير ثان زعم أنه يؤكّد صالح ذلك التقليد الأعمى : (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) وذلك كمثل طوافهم ـ ولا سيما النساء (١) عراة ، وصلاتهم عند البيت مكاء وتصدية وما أشبه ، حيث كانوا يعتبرونها من العبادات المأمور بها!.
وكيف؟ (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (٦ : ١٤٨) ـ (لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) (١٦ : ٣٥).
تأويل عليل لمشيئة الله خلطا لتكوينيتها بتشريعيتها ، أن عقائدنا وأعمالنا الشركية ليست لتتخلف عن مشيئة الله ، فإن الله غالب على أمره؟ رغم أنه يشاء تكوينا ما لا يشاءه تشريعا قضية الابتلاء بالاختيار ، ولو أنه يشاء كلما يحصل من عباده تشريعا ، كما يشاءه تكوينا ، لتناقضت المشيئتان التشريعيتان! بحق الصالحين والطالحين.
«قل» لهؤلاء الأوغاد المناكيد : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) في شرعته ، مهما لا يمنع عنها تكوينا في محنته ، (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) سواء بصبغة علمية فلسفية في صيغة الجبر ، أم جاهلية فوضى جزاف دون أي سناد مهما كان بصيغة علمية مرفوضة كهذه.
وقد يتعلق أمثال هؤلاء المجاهيل ـ كافرين أو مسلمين ـ بأمثال (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً) (١٧ : ١٦) بتخيّل أن (فَفَسَقُوا فِيها) هو فسق تحت الأمر ، غفلة أو تغافلا عن أن الفسق عن الأمر هو التخلف عنه ، إذا ف (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) بما نأمر (فَفَسَقُوا فِيها) عن أمرنا تخلفا عنه ، كما و (إِنَّ اللهَ لا
__________________
(١) وقد كن ينشدن قولهن في طوافهن : اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فما أحله.