لقد سميت «الأعراف» بها ، لأنها سيدة الموقف البارز لرجال الأعراف ، حيث هم شؤونهم بارزة بالموقف الأعلى يوم القيامة على الأعراف ، تعريفا بفريقي الجنة والنار ، وتقريرا لمصير كلّ بأمر الله ، ولأنها برجالها لم تذكر في سائر الذكر الحكيم ، كما هم القمة العليا بين الرساليين المعصومين ، فهم منقطعوا النظير. ذكرا في القرآن ومحتدا عند الرحيم الرحمان بمن يرأسهم من هذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ذلك ، إضافة إلى سائر الأعراف في مختلف حقول المعرفة الأعرافية المتميزة في هذه السورة عما سواها ، وكما هي طبيعة الحال في كل سورة أنها تختص بميّزات ومواقف خاصة ليست فيما سواها كما هي فيها.
ندرس على أعراف الأعراف موضوع العقيدة بمختلف حقولها ، ومختلف العقليات المأمور بها ، ومختلف القابليات والفاعليات والواقعيات في مسارحها.
وهنا من مواضيع العقيدة ـ البارزة ـ عرضها عبر التأريخ الإنساني ككل ، في مجال الرحلة الإنسانية ابتداء بالجنة الابتلائية الدنيوية ، وانتهاء إليها الأخروية لمن عمل لها ، عرضا لموكب الإيمان الوضيء من لون آدم إلى محمد (عليهما السلام).
رحلة طويلة للغاية ، تقطعها السورة مرحليا في مقاطع عدة ، واقفة عند المواقف الرئيسية ، البارزة المعالم منها ، درسا عابرا لمعتبر ، تدكرا لمدّكر.
ومن مواقفها الرئيسية المعرفية تبيان واقع أحكام الفطرة بصيغة الحوار : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ...) عبارة أخرى من آية الفطرة في الروم.
أعراف وأعراف ندرسها على ضوء الأعراف عقيدية وأحكامية ، آفاقية وأنفسية ، وذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد.
وملامح السورة تؤيد نزولها كما هيه ، أم ولأقل تقدير أنها مؤلفة