ف «زينتكم» التي تزينكم إنسانيا وإيمانيا ، خذوها معكم (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) حيث المحضر ربانيا وبشريا يتطلب أدب الزينة.
ثم «زينتكم» الملهية المحظورة خذوها عنكم (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ف «خذوا» تعم المحظور إلى المحبور ، خذوا معكم محبورا وخذوا عنكم محظورا ، فلا يظن ظان أن مساجد الله التي هي محاضرة ، أنها محاظر عن أخذ «زينتكم» ملابس وأموالا وأولادا ، ولا أنها معارض لرعونات الزين الملهية.
وترى النعلين ـ وهما زينة الرجلين ـ هل هما من زينة الصلاة المعنية ضمن ما عنته «زينتكم»؟ إنهما زينة في غير الصلاة ، ولكن أدب العبودية في الصلاة يقتضي تركهما حالها إما لكونهما خلاف زينة الصلاة ، أم زينة محظورة فيها فخذوا عنكم ـ إذا ـ نعليكم واخلعوهما وكما قال الله لموسى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)(٢٠ : ١١)فالمروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه كان يلبسهما فيها ويأمر به ، مفترى عليه فمضروب عرض الحائط.
وكما أن أخذ الزينة عند كل مسجد محبور ، كذلك في سائر الحالات ولا سيما في زيارة المؤمنين (١) أم ورقابة أعين الفاسقين.
__________________
(١) في الدر المنثور ٣ : ٧٩ ، أخرج أبو داود عن أبي الأحوص عن أبيه قال : «أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ثوب درن فقال : ألك مال؟ قال : نعم ، قال : من أي المال؟ قال : قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق ، قال : فإذا آتاك الله فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته» وفيه أخرج أحمد ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا يدخل النار من كان في قلبه ذرة مثقال من إيمان ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر ، قال رجل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنه يعجبني أن يكون ثوبي غسيلا ورأسي دهينا وشراك نعلي جديدا ـ وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه ـ فمن الكبر ذاك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال : لا ، ذاك الجمال إن الله عزّ وجلّ جميل يحب الجمال ولكن الكبر من سفه الحق وازدرى الناس ، وفيه أخرج ابن سعد عن جندب بن مكيث قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه وأمر علية أصحابه بذلك.