ذلك! وجمعا بين الأمرين ، انتفاعا من زينة الله ، وإنفاقا منها على عباد الله «كان علي بن الحسين عليهما السلام يلبس الثوب بخمسمائة دينار والمطرف بخمسين دينارا يشتو فيه فإذا ذهب الشتاء باعه وتصدق بثمنه» (١).
إذا فلا محظور في أصل الزينة ما لم يكن هناك محظور آخر ، بل هي محبورة مشكورة اللهم إلّا لطوارى وملابسات محظورة وكما هي الضابطة في كافة النعم الربانية ، بل هي لهم بأحرى ممن لا يؤمن بالله ، فهم أولاء مغتصبون وهؤلاء الأكارم هم مغتصبون و (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
ذلك ، وإخراج زينة الله يعم الزينة المحاولة بما يسعى لها الإنسان إلى سواها ، حيث الإنسان هو نفسه مخرج من الأرض بمشيئة الله ومنبت منها ، وكذلك كل طاقاته هي كمثله مخرجة الله.
فتلك حضارة إسلامية سامية أن يشجع القرآن على كل زينة محبورة تزين حياة الإنسان وعيشته فرديا وجماعيا ، وعلى (الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٣ في تفسير العياشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن (عليه السّلام) قال : ..
وفيه عن يوسف بن إبراهيم قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السّلام) وعليّ جبة خز وطليسان خز ، ما تقول فيه؟ قال : ولا بأس بالخز ، قلت : وسداه إبريسم فقال : لا بأس به فقد أصيب الحسين بن علي (عليهما السّلام) وعليه جبة خز. وفيه عن الوشا عن الرضا (عليه السّلام) قال : كان علي بن الحسين (عليهما السّلام) يلبس الجبة والمطرف من الخز والقلنسوة ويبيع المطرف ويتصدق بثمنه ويقول : قل من حرم زينة الله .. وفيه عن الكافي عن ابن القداح قال : كان أبو عبد الله (عليه السّلام) متكيا علي ـ أو قال : على أبي ـ فلقيه عباد بن كثير وعليه ثياب مرويّة حسان فقال : يا أبا عبد الله إنك من أهل بيت نبوة وكان أبوك وكان؟ فما هذه الثياب المزينة عليك فلو لبست دون هذه الثياب؟ فقال أبو عبد الله (عليه السّلام) : ويلك يا عباد من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق وان الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يراها عليه ، ليس به بأس ويلك يا عباد إنما أنا بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا تؤذني وكان عباد يلبس ثوبين قطنين. وفيه عن العياشي عن الحكم بن عيينة قال : رأيت أبا جعفر (عليه السّلام) وعليه إزار أحمر ، قال : فأحددت النظر إليه فقال : يا أبا محمد ان هذا ليست به بأس ثم تلا (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ ..).