فمن الإثم ـ إذا ـ نية المحرم الواصلة إلى تحقيقه كسائر مقدماته قريبة أو بعيدة ، آفاقية وأنفسية التي هي مختارة للفاعل ، وكذلك نية ترك الواجب الواصلة إلى تركه أو المبطئة عنه ، فمقدمات الواجبات كلها واجبة ومقدمات المحرمات الموصلة إليها محرمة ، وغير الموصلة غير داخلة في شيء من هذه العناوين الخمس ثم ولا دليل غيرها على حرمتها.
ولأن الإثم يعم القال والحال والفعال بالمآل ، فمثلث الإثم ـ إذا ـ معني منه على أيّة حال ، اللهم إلّا بقرينة معيّنة ، فمن الحال : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (٢ : ٢٨٣).
إذا فالإثم يعم عمل الخطيئة ـ كشرب الخمر (١) وما أشبه ـ ومقدماتها وكما قوبلت به : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ..) (٤ : ١١٢).
والإثم المذكور في القرآن كله (٤٨) مرة ، تعني معناها الخاص : ما يبطئ عن الواجب ، إيجابيا ككل الواجبات ، وسلبيا ككل المحرمات لمكان وجوب تركها.
ثم (الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) هو طلب المحظور فطريا أو عقليا أو شرعيا ، أم جمعا منها فأبغى ، وهنا (بِغَيْرِ الْحَقِّ) قد تعني التأكيد المعني من أمثال (يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) توصيفا بما هو لزام البغي ، أم هو تقييد للبغي الشامل طلب الحق والباطل.
__________________
(١) يسأل المهدي الخليفة العباسي موسى بن جعفر (عليهما السّلام) هل الخمر محرمة في كتاب الله؟ والناس إنما يعرفون النهي عنها! قال : محرمة ، قال : أين هو؟ قال : «.. وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ ..» حيث حرم الإثم والخمر فيها إثم كبير.