(قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وهكذا عترته المعصومون عليهم الصلاة والسلام (١).
وقدم التوفيق والتأييد والمزيد على أقدامهم رحمة من الله ، وقدم رضوان من الله وهو أكبر حيث هو أطول الأقدام وسائرها تقدمة له.
ولأن المصداق المذكور هنا ل ـ «قدم صدق» هو الإيمان ، وهو نقطة الانطلاق الأولى لسائر الخطوات عملا صالحا وتسليما بمراتبهما ومراتبه للسالك إلى الله ، ف «قدم صدق» لا تعني فقط ظاهرة القدم ، بل كجنس يشمل كافة الأقدام الأنفسية والآفاقية على ضوء شرعة الله في سبيل الله ، ابتداء من الإيمان بالله إلى التسليم لله ، قدما منهم ، وابتداء من مزيد التوفيق والإيمان من الله إلى رضوان من الله.
وقدم آخر في «قدم صدق» أنه القدم المقدّم في علم الله (٢) أنهم سوف يؤمنون ، وسابع هو «قدم صدق» في انعكاس أعمالهم لا يغيّر ولا يبدّل إلّا أن يبدلوها من عند أنفسهم (٣).
فمن قدم رباني للذين كفروا : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٢٥ : ٢٣) ويعاكسه «قدم صدق» هذا ، كما صدقوا ، وإقدام صدق كما أقدموا ، ف ـ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٣٣ : ٢٣).
ذلك ، فأول أقدام الصدق عند الله هو الإيمان بالله ، ثم عمل الصالحات ، ثم التسليم السليم لرب العالمين : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٩٢ في أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليهم السلام) في الآية قال : ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).
(٢) المصدر عن ابن عباس في الآية قال : ما سبق لهم من السعادة في الذكر الأول.
(٣) المصدر عن ابن مسعود في الآية قال : القدم هو العمل الذي قدموا قال الله (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) والآثار ممشاهم قال : مشى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أسطوانتين من مسجدهم ثم قال : هذا أثر مكتوب.