أم إن الدروس الحوزوية هي تقدمات ضرورية لتفهّم القرآن كما يرام؟.
ولا صلة بها لتفّهم القرآن إلا إجادة اللغة العربية وأدبها البارع ، ثم القرآن ليس فقط حيازة للحوزات لا يعدوهم إلى سائر المكلفين ، وهل أنزل القرآن على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يعيش حوزة؟ ثم هذه العلوم الحوزوية أكثرها تصدّ عن القرآن علميا وزمنيا ، وكما نرى أن الأكثرية المطلقة من خريجي الحوزات لا يصلون إلى القرآن حتى أخريات الأنفاس العلمية ولحد الإفتاء.
ولو أن هذه العلوم كانت ضرورية أو راجحة لتفهّم القرآن كما يرام فكيف لم يشر إليها القرآن ولا رسول القرآن وأئمة القرآن ، فهل هي خيانة مثلثة منهم على المكلفين ، أم هم الذين ظلموا أنفسهم وخانوها باختلاق صدود عن حوزة القرآن.
(أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ).
فعجب من هؤلاء الناس النسناس عجابهم من الإيحاء إلى رجل منهم كرامة لهم مرتين ، مرة أن لم يتحول عنهم إلى غير الناس تدليلا على جدارة الناس أنفسهم أن يوحى إلى رجل منهم ، وأخرى أن ذلك الوحي يحمل الإنذار والتبشير اللذين يبلغان بهم إلى مدارج من الكمال المقصود للإنسان ، المخلوق له الإنسان ، حيث (الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ ... فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
ولقد كان السؤال المتواتر الذي قوبل به كل رسول ما يعنيه : «أبعث الله بشرا رسولا» إذ لم يدركوا قيمة الإنسان وهم منهم ، إلا أن يتنازلوا عن درجة الإنسانية إلى دركة الحيوانية كما تنزلوا.
فبديلا عن أن يعجبوا فرحين من هذه الكرامة الغالية ، عجبوا