فمن هذه الزينة باقيات صالحات هي خير عند ربك ثوابا وخير أملا ، ومنها زائلات طالحات لا خير فيها ولا ثواب إلّا شر وتباب!
الأعمال كلها باقيات أقوالا وافعالا ونيات ، من صالحات وطالحات باغيات ، فالصالحات خير عند ربك ثوابا كما الطالحات شر لا تخلّف إلّا عقابا ، والصالحات خير أملا يأملها فاعلها في الدارين ، والطالحات شر املا في الدارين : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) (١٩ : ٧٦) وإذا كان الإنسان يتعلق بالمال والأولاد ثوابا وأملا ومردا ، فالباقيات الصالحات منهما وسواهما خير ثوابا وخير أملا وخير مردا!
وزينة المال والأولاد قد تكون باقية صالحة لحد توخذ في كل مسجد (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (٧ : ٣١) حيث تشمل المال إنفاقا له في كل مسجد والأولاد تعبّدا كأمثالكم في كل مسجد ، فيصبحان على زينتهما من الباقيات الصالحات ، فزينة المال والأولاد كسائر الزينة في الحياة الدنيا هي زينة الله حيث زينها الله وجعلها وسيلة للحياة الأخرى ، ولكنما الشيطان يزينها زينة اخرى أنها دائبة ترغب في نفسها فتزلّ فيها قدم بعد ثبوتها ، او تضل حين ورودها لمن أبصر إليها فأعمته ولم يبصر بها فبصرته : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ...) (٢ : ٢١٢) (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) (٣ : ١٤).
فللزينة قيمة ما تزيد في قيمة الإنسان وهي الباقية الصالحة ، وليست لها قيمة ما تنقص من قيمة الإنسان وتجعله كحيوان ، وهي الباقية الطالحة ، وما أهونها واحونها زينة تسلب قيمة الإنسان بدل أن تجلب قيمة للإنسان!