بزخرفاته يصبح هشيما تذروه الرياح ، حيث تنتهي شريط الحياة للنبات.
كذلك الروح الإنساني الطاهر ينزل من سماء المشيئة الإلهية إلى أرض البدن (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) (٣٢ : ٩) وأرض الأرض : (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (٧ : ٢٤) فاختلط به نبات الأرضين زينة وزخرفة ، ثم يصبح البدن ومن ثم أرض البدن بنباته هشيما تذروه الرياح! والهشيم : الكسير الرخو ، والذرو : التفريق ، فالرياح تفرّق كسير النبات ورخوها كأن لم تكن شيئا!
مشهد للحياة الدنيا ، خاطف قصير يلقى في النفس لها ظل الفناء في مثلث نزول ماء السماء وخلطه وهشيمه ، فلا بقاء إذا لدنياها ، والباقي هو ماء السماء ، روح الإنسان بعد تهشّم البدن بدنياه ، فليتزود نازل السماء من منزل الأرض زادا لأخراه.
ألهذه الخليطة الهشيمة ، الحطيمة اليتيمة الزهيدة ، القصيرة الوهيدة ، لهذه تتنافس ، فتتقاعس عن واجب الحياة ، عن أخراها الى أولاها ، لحد تظن ألّا تبيد هذه أبدا؟!
حتى متى الغفلة والغفوة عن حق الحياة وحاقها ، الى باطلها وزائلها (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٣٠ : ٧)(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)(٤٦).
أترى أن زينة الحياة الدنيا محرّمة على أهلها؟ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ .. قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ..) (٧ : ٣٣)!.