حاجة إلى عذاب إمّا ذا؟ ثم العذاب او الثواب من الله :
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (٥٦).
هذه الآية وكثيرة أمثالها تحصر رسالة المرسلين في التبشير والإنذار وتحسرها عما سواها مما يتعنته الكفار من الإتيان بما يتطلبون من آيات وما يتكلبون خلاف الرسالة الإلهية من أصحاب الرسالات ، امّا يتمناه الرسل فيتحسرون إذ لا ينالون من هدي من لا يهتدي ، فتتواتر الآيات قارعة متطلبات المتفّتي ، متصدية لتسلية خواطر المرسلين (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ...) ولكن :
(وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ ..) فقد يكون الجدال بالحق ، وبالتي هي أحسن تفتيشا عن الحق وتثبتا للحق فواجب على أهل الحق ودعاته ، وقد يكون لتزييف الحق او تضعيفه ، بالباطل كان ام بالحق (١) ، وكلاهما جدال بالباطل لدحض الحق ، فحرام مطلق!
وأصل الدحض الزّلق ، فهم أولاء يجادلون بالباطل ليزلقوا الحق بعد ثباته ، ويزيلوه عن مستقراته ، فيكون كالكسير بعد قوته والمائل بعد استقامته (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً): آيات الرسل وآيات الرسالات ، وما أنذروا من مخلّفات التكذيب بتلكم الآيات ، اتخذوها هزوا ، يجادلون بالباطل : طريقة باطلة لا تعني حقا ، وإنما هزء ولعبة لتوهين الحق وتهوينه أمام العالمين وهم اظلم الظالمين.
__________________
(١) كأن يجادل ويستدل بقرآن ام سنة ليّا لابطال القرآن والسنة وهو من انحس الجدال ، وهو جدال بالباطل حيث الاستدلال لابطال الحق بمادة الحق وصورته ، بتحريف في كيفية الجدال هي من أضل المزال للاقدام.